في رحلة استثنائية امتدت من أحياء فاس التاريخية إلى أرقى المنصات الكروية العالمية، نحت طارق السكتيوي اسمه بحروف من ذهب في سجل الكرة المغربية. من لاعب موهوب إلى قائد تقني بارع، استطاع هذا الرجل أن يحول أحلام الشباب المغربي إلى حقائق مشرقة تتوج بالألقاب والإنجازات.
البدايات الذهبية في مدينة الأندلس
شهدت مدينة فاس مولد نجم كروي مستقبلي في الثالث عشر من شهر مايو عام 1977، حيث نشأ طارق في بيئة رياضية خصبة. فوالده غرس فيه حب الكرة، بينما شقيقه عبد الهادي – نجم المغرب الفاسي السابق – كان مثالاً يحتذى به في عالم المستديرة.
احتضنت أكاديمية المغرب التطواني موهبة السكتيوي الواعدة، حيث صقل مهاراته عبر المراحل العمرية المختلفة. وفي عام 1997، حصل على فرصته الذهبية للانضمام للفريق الأول، ليبدأ رحلة التألق التي فتحت أمامه آفاقاً احترافية رحبة.
الخبرة الأوروبية وتشكيل الشخصية
شكلت محطة نادي بورتو البرتغالي نقطة تحول جوهرية في مسيرة السكتيوي المهنية. هناك، اكتسب فلسفة كروية متطورة تجمع بين الدقة التكتيكية والحماس الروحي، مما مكنه لاحقاً من بناء منظومة تدريبية متوازنة تركز على التماسك الجماعي بدلاً من الاعتماد على البريق الفردي.
فلسفة تدريبية متميزة
يتميز المنهج التدريبي للسكتيوي بالتركيز على السيطرة المدروسة على الكرة، والحركة السريعة المنظمة، والتناغم المثالي بين خطوط الفريق الهجومية والدفاعية. هذه الاستراتيجية منحت المنتخب المحلي مكانة متقدمة في البطولات الإفريقية والعربية.
إنجازات تاريخية تتحدث عن نفسها
حقق السكتيوي طفرة نوعية عندما توج بلقب بطولة إفريقيا للاعبين المحليين (الشان) مع منتخب المغرب، مسجلاً إنجازاً فريداً أعاد تأكيد جودة المدرسة الكروية المغربية وإثبات جدارة نجومها المحليين في المنافسة على الصعيد القاري.
وامتد تألقه ليشمل الإشراف على المنتخب الأولمبي، حيث نجح في قيادته للظفر بالميدالية البرونزية في دورة باريس الأولمبية، مؤكداً براعته في صناعة النجوم الشابة وتأهيلهم للمحافل الدولية الكبرى.
رؤية استراتيجية لمستقبل الكرة المغربية
تتجاوز عبقرية السكتيوي حدود الجوانب التكتيكية لتصل إلى البعد النفسي والمعنوي. يدرك أن سر قوة اللاعب المحلي يكمن في الثقة بالذات والإحساس بالمسؤولية الوطنية. لهذا يعمل على زراعة روح الإيمان بالقدرات الشخصية، محولاً كل عنصر إلى جزء لا يتجزأ من مشروع وطني شامل يهدف لإعادة تأهيل الكرة المحلية وإعداد جيل مؤهل لتمثيل الوطن في المحافل الكبرى.
رمز للنهضة الكروية المغربية
اليوم، يُعتبر طارق السكتيوي أكثر من مجرد مدرب تقني، فهو يمثل رمزاً للتطوير الهادئ والمستمر في الرياضة المغربية، وصانعاً للآمال، ومعماري ماهر لغد كروي زاهر. إنه يرسي الأسس المتينة لجيل جديد يتسلح بالانضباط والعطاء، ويسجل بصماته الخالدة في ذاكرة الكرة الوطنية.